خلال الأيام الأولى للثورة المصرية (ثورة أل 18 يوم) من أواخر يناير 2011 حتى أوائل فبراير 2011 ، لم نسمع صوت للصعايدة ، فلم تخرج مظاهرات ضد النظام القديم فى الصعيد إلا فى محافظة المنيا (أى شمال الصعيد فقط) ، و كان التركيز كله فى الثلاث محافظات المعروفة : القاهرة – الإسكندرية – السويس ، و بعض مدن الوجه البحرى الكبيرة .
و كان صمت الصعايدة ، خاصة فى جنوب الصعيد ، مريب و غير مفهوم ، لدرجة أن بعض الثوار كتبوا لهم على القطارات المتجهة إلى الصعيد : إللى عايز نسوان .. ينزل قنا و أسوان .
و كتبوا لهم : أين أنتم يا صعايدة ؟ نحتاج دعمكم .
و بعد أن إنتهت الثورة تماماً ، فوجئنا أن المعلومة قد وصلت للصعايدة متأخرة جداً كالعادة ، فبدأوا يثورون على طريقتهم الخاصة (الشهيرة جداً و المعروفة منذ أيام الإحتلال الإنجليزى لمصر) ، ألا و هى : قطع خطوط السكك الحديدية و إيقاف القطارات بالساعات و داخلها مسافرين من و إلى الصعيد !!!
و لعلكم تذكرون تلك الواقعة التاريخية الحقيقية التى رواها الفنان (يحيى الفخرانى) فى أفضل مسلسل تلفزيونى له (عباس الأبيض فى اليوم الأسود) عن الصعايدة الذين نزعوا فلنكات القضبان أمام قطار الإنجليز أيام ثورة سعد زغلول (1919) ، فتوقف القطار و هاجمه الصعايدة البواسل .
مع الفارق ، أنهم الآن لا ينزعون القضبان الحديدية ، بل يتجمهرون بالمئات عليها ، فيتوقف القطار بالساعات ، و أحياناً بالأيام .
و لأننى سكندرية من أصل صعيدى ، فإننى أشعر بالعار من تلك التصرفات الجنوبية الغير مسئولة .. التى ضربت السياحة فى مقتل و أجلست مئات المرشدين السياحيين فى بيوتهم بدون عمل .
لقد تحرك الصعايدة أخيراً و دبت فيهم النخوة و الحمية المعروفة عنهم ، لكن ليتهم ما تحركوا .. فقد أصبحوا أشبه بالدبة التى قتلت صاحبها كى تهش ذبابة تقف على وجهه !!!
و كم أشتاق لرحلة شتوية إلى محافظة الأقصر .. أحب مكان لقلبى فى مصر بعد الإسكندرية ، لكننى أتردد خوفاً من سجنى داخل قطار نوم .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق